آخر الأحداث والمستجدات
حول اللقاء التواصلي الجهوي للحكومة بجهة فاس - مكناس
هل يمكن اعتبار مدخل 2018 سنة لبيع أماني التنمية المندمجة على جهات المملكة؟، هل يمكن القول أن حركة رئاسة الحكومة المكوكية ما هي إلا عملية لقطع الطريق بالإستباقية أمام كل الحركات الاحتجاجية المتنامية عبر خارطة الوطن؟، هل يمكن القول بأن توزيع الوعود بكل جهات المملكة ما هو إلا نوع من الكوتشينغ السياسي ؟، هل يمكن القول بأن اللقاءات التواصلية المفتوحة للسيد سعد الدين العثماني مع الجهات ما هي إلا استصغارا لأدوار الجهوية المتقدمة بسند الدستور؟، هل يمكن الإقرار أن الحكومة تدفع بكيس الأمان نحو الجهات لتلافي صدمة غلاء قفة المعيشة وتعويم الدرهم برسم ميزانية 2018؟.
نعم، فسياق التحرك الجماعي للحكومة من المركز نحو الجهات له حيثياته الموضوعية والاستباقية. له تداعياته الجلية والممتدة بالتوالي من واقعة سماك الحسيمة، إلى عمال آبار"سندريات" بجرادة، إلى " مول الكريسة " بمنطقة أوطاط الحاج (التابعة ترابيا لإقليم بولمان) . له مشكلاته المجالية التي تتفاقم بعموم جغرافية الوطن وتتزايد يوميا بفجوة الإتساع علوا وعمقا. له الاعتراف الضمني بإفلاس سياسة الدولة في تنمية تفاعلية مستديمة بكل مدن وقرى و جهات المملكة. له تراكماته المتناسلة لمجموعة من الملفات الاجتماعية الكفيفة التي صنعت الاحتقان والسخط الشعبي. له نسخ طبق الأصل لوعود انتخابية ميتة بالكذب وتتكرر بالاستنساخ الملل عند كل بداية حراك شعبي.
بين الشعب والسلطة التنفيذية تتسع مساحة فقدان الثقة في المستقبل بكثرة القرارات اللاشعبية. إنها المضادات الفطرية للشعب والتي وعت مسلسل " سامحوني" الطويل عند كل حالة وفاة فجائية في سبيل تحقيق كرامة عيش. استيقظ الوسط الشعبي و " عاق/ بمعنى فطن" من بنج كل المسكنات التي انتهت مدة صلاحيتها و التي لا تقدر على تهدئة كل حراك شعبي لا نعلم مكانه ولا توقيته.
فإذا كانت جهة فاس - مكناس من بين الجهات الأربع الفاعلة في الاقتصاد الوطني " الأكثر مساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الوطني" حسب قول السيد سعد الدين العثماني. فإنها تعيش على تفاوتات بينة وكبيرة على المستوى الداخلي، تعيش على دوام نمو تأزم الوضع الاجتماعي ضمن مظاهر غياب التوزيع العادل للثروة، تعيش على وقع تنامي الحركات الاحتجاجات الشعبية والعمالية (سيكوميك " مثلا" 650 عاملة وعامل تم تشريدهم بعد إغلاق المعمل بمكناس) .
تشكيل الحضور بالتنوع والفرز المسبق أصبغ على اللقاء تحريك الألسن بالمطالب المحتشمة و اللغة المنمقة، أضفى على اللقاء نوعا من البهرجة الكامنة وراء تسويق صورة الحكومة التفاعلية مع قضايا الشعب وبكل جهات المملكة.
هي جهة "فاس- مكناس" جهة التباينات والمعادلات غير العادلة، هي جهة سيطرة رأس القطب المدبر للجهة" فاس" على حصة الأسد من ميزانية الجهة والمشاريع المعتمدة، هي الجهة التي أراد فيها السيد سعد الدين العثماني التدخل بشكل استباقي "... لمعالجة بعض الإشكالات الطارئة وغير المتوقعة أو غير منتبه لها، ومن أجل تطوير البرامج الموجودة أصلا". لكن، هل يعلم السيد سعد الدين العثماني كيف توزع ميزانية الجهة عبر حصة الأسد والتوابع؟ هل يعلم بأن الجهة تمشي برأس واحد ومنفرد وضاعت معه كل التصورات القطبية الداعية إلى التكامل و الاندماج ؟ هل يعلم السيد سعد الدين العثماني أن مدنا بالجهة أضحت مهمشة رغم تاريخها العريق؟ .
ليكن، حلم تفكير حكومتنا التنفيذية المركزية "... تشييد مؤسسة لتكوين الأطر والكفاءات في مجال صناعة الطيران". ، ولكن، ألم ينتبه السيد سعد الدين العثماني أن تسمية المطار لازال يحمل اسم" فاس - سايس" بدل اسم الجهة؟ . من هنا يضيع الحلم بكابوس أن تلحق " صناعة الطيران " بفاس فقط وتسقط جميع الأقاليم منه .
حين سمعت باللقاء امتلكني الحماس والأمل، حلمت بملف عامر بالمشاريع يحمله السيد سعد الدين العثماني للجهة بالديمقراطية التوزيعية لكل أقاليمها، اعتقدت أن المال العام حضر لدعم التنمية التفاعلية بالجهة. لكن اليأس أصابني حين سمعت العرض بقلته، حين وعيت أسباب تنزيل اللقاء و أهدافه، صدم حلمي وضاعت آمالي. حين رأيت السيد سعد الدين العثماني يشدد على ضرورة تقديم تحفيزات "لجلب المستثمر ... وأن هذا ... يحتاج منا بذل جهود يومية وإجراء نقاشات ومحاولات، وأتمنى أن ينجح مشروع هذه المنطقة الصناعية، دون إغفال الحاجيات سواء تلك التي تهم الجهة ككل أو تهم بعض الأقاليم والجماعات الترابية والدواوير الموجودة بها"..
الأهم تحقق بالاستباقية والتحرك للوفد الوزاري عبر الجهات دون موت " والحمد لله" ولا حدث فجائي، الأهم أن الحكومة بدأت تفكر في التعاقد مع الجهات حول برامج " تحدد فيه المسؤوليات والآجال والتمويل والبرامج والمشاريع، وكذا تعتمد من خلاله آليات مراقبة واضحة تربط المسؤولية بالمحاسبة".
لكن المفلس في الأمر أن انتظارات أقاليم الجهة قد غيبت ليس بالكلية المطلقة، أن التواصل المعمق مع المنتخبين والمجتمع المدني بشكل مفتوح وبوجود " الكاميرة شاعلة" لن ينتج إلا الكلام المعسول. لنقل بتمام حق القول، أن التفاعل مع المطالب لن يكون رفيعة المستوى بالوعود الفضفاضة " صناعة الطيران" بل بصناعة إنسان مسؤول بالعدل، والديمقراطية، والحرية، والعلم، ومؤمن من طرف الدولة بالضمانات الاجتماعية العادلة، و بتوفير بيئة حياة كريمة .
متابعة محسن الأكرمين
الكاتب : | محسن الأكرمين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2018-01-14 17:51:33 |